للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم ذلك كله فإنا نجد على الورقة الأولى من نسخة إزمير، عنواناً يخالف كل ما تقدم في نصه إذ جاء هنالك: " كتاب المدخل إلى كتب المنطق الأولى تأليف الشيخ الإمام الحافظ الفقيه أبي محمد عليّ بن أحمد بن حزم الظاهري رحمه الله تعالى ... "، وهو عنوان غير دقيق، فالكتاب ليس مدخلاً، إذ المدخل له ما بعده، إلا إذا قدرنا أن كتاب ابن حزم صورة مبسطة (كما توحي بذلك لفظة تقريب) تمكن قارئها بعد ذلك من الدخول إلى التفصيلات الدقيقة في الكتب المنطقية، على أن من الخير أن نتجنب هذه التسمية لأن المدخل إلى المنطق ينصرف إلى إيساغوجي، فالمدخل هو القسم الأول من كتاب ابن حزم.

٢ - متى ألف كتاب التقريب:

في كتاب " التقريب " إشارات إلى كتاب " الفصل "، من ذلك قوله في أحد المواطن: " وقد أثبت غيرنا ليس جسماً ... والكلام في هذا واقع في ما بعد الطبيعة وفي علم التوحيد وقد أثبتناه في كتاب الفصل في الملل والنحل " (١) وقوله في موطن آخر: " والنفس ليست نامية وإنما النامي جسمها المركب فقط ... وللبراهين على هذا مكان آخر قد ذركناه في كتاب الفصل ... " (٢) .

هل يعني هذا أن ابن حزم ألف كتاب التقريب بعد كتاب الفصل لو وقف الأمر عند حد الإشارات السابقة لصح التقدير، لكنا نجد في الفصل نفسه إشارات متعددة إلى التقريب نفسه، كما وضحنا آنفاً، وهذا قد يستدعي القول إن بعض أجزاء الفصل كتب قبل التقريب مثل الفصل عن الجواهر والأعراض والجسم والنفس (الفصل ٥: ٦٦) والكلام في النفس (٥: ٨٤) وأن هناك فصولاً من كتاب الفصل نفسه كتبت بعد التقريب مثل باب مختصر جامع في ماهية البراهين (١: ٤) فما أورده في هذا الموضوع في الفصل إنما هو اختصار لما أحكم إيراده في التقريب، وكالحديث عن الآلة المسماة بالزراقة لإثبات نفي الخلاء جملة فإنه يعيد ذكرها في الفصل بناءً على ما ذكره في التقريب (٥: ٧٠) . وكل هذا يثبت أن الفصل على فترات ربما كانت متباعدة نسبياً، وأن تأليف التقريب وقع في تاريخ متوسط بين بعض أجزاء الفصل وبعضها الآخر: وهذا في النهاية لا يحدد تاريخاً واضحاً لتأليف التقريب، لأنا لا نعرف


(١) النسخة التونسية (س) الورقة: ١٢ ظ (والإشارة إلى الفصل ٥: ٦٦) .
(٢) المصدر نفسه (والإشارة إلى الفصل ٥: ٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>