وقد يكون الكندي عالج الرد على المنانية والثنوية والملحدين في غير موضع واحد من رسائله، فمرة وصل الكلام فيه بكتاب التوحيد ومرة أفرد له رسائل مستقلة.
ولعل أول شيء استوقفني حين قرأت هذا الكتاب هو:
هل الكتاب من تأليف ابن حزم ذلك لأن الذي نسبه لابن حزم ظن أنه كتاب في الرد على العلم الإلاهي للرازي، ولابن حزم كتاب يرد به على الرازي في العلم الإلاهي ذكره كثيراً في كتاب الفصل وأشار إلى بعض ما يحتويه. ولكن هذا كتاب آخر في الرد على الكندي تليه رسائل وفصول لا تجمعها رابطة واحدة، وليس فيه إشارة واحدة إلى ابن حزم نفسه إذ ابن حزم يصدر أقواله دائماً بمثل: قال عليّ، أو قال أبو محمد. ولم يرد مثل هذا مرة واحدة في الكتاب بل جاء فيه حيناً: قال محمد، وحيناً قال الموحد. وإذا حسبنا أن " قال محمد " خطأ صوابه: قال (أبو) محمد، وأن لفظة " أبو " قد سقطت سهواً من الناسخ لم نجد عبارة " قال الموحد " مما يستعمله ابن حزم في كتبه، ولم يشر أحد فيما أعلم إلى أن لابن حزم كتاباً في الرد على الكندي أو رسالة في اتفاق العدل والقدر، ولم يشر ابن حزم نفسه إلى شيء من ذلك، ومن عادته أن يسمي بعض كتبه في مادة واحدة، وقد كان من الممكن أن يشير إلى هذا الكتاب في كتاب الفصل مثلاً حيث عالج مسألة أسماء الله تعالى وصفاته وتحدث عن الدهرية وعن القدر، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث. ومن هنا نشأة الحيرة وثار التساؤل: من هو مؤلف هذا الكتاب
وفي محاولتي الإجابة عن هذا السؤال طرحت على نفسي سؤالاً آخر وهو: هل اطلع ابن حزم على فلسفة الكندي وبعد البحث وجدت ما يؤيد وجود صلة بين بعض الأفكار عند كل منهما إلا أن ابن حزم لم يذكر الكندي فيما أعلم إلا في نقل واحد في كتاب الجمهرة (١) ؛ وهذه هي أهم مجالات الاتفاق بينهما:
١ - المصطلح المنطقي الذي استعمله ابن حزم في كتاب التقريب شديد الشبه بالمصطلح المنطقي لدى الكندي.
٢ - يستعمل ابن حزم في إنكار الخلاء والملاء في كتاب الفصل وكتاب التقريب نفس البرهان الذي يورده الكندي.