١ - " فالعلم معرفة العلل والرسوخ فيه بقدر الرسوخ " فهذا لا يقوله ابن حزم أبداً لأن العلم عنده يبطل العلل جملة أحياناً، فقد أنكر هو العلل في أحكام الشرائع.
٢ - " ونحن لا نتمكن من صفة العلة التي من جهتها أخطأت الجهمية لأنه من الكلام في الصفات العلى التي لم يبح لنا نبينا صلى الله عليه وسلم الكلام فيها ولا يتجاوزها علم القلوب "، وهذا لا يقوله ابن حزم لأنه يناقش أصحاب النحل في أدق شبهاتهم دون تحرج كما يشهد بذلك كتاب الفصل.
٣ - " فالإمكان هي الإرادة هي الملك هي العرض وهو الغاية القصوى والنهاية العظمى والفصل الأكبر " وهذا قول يشبه التفسير الباطني ولا أرى له بابن حزم نسباً.
هذا وقد أكثر ابن حزم الحديث عن الجواهر والعرض في كتبه فلم يقل إن الجواهر ينقسم قسمين روحاني وجسماني والعرض ينقسم قسمين كذلك. وتكلم عن المرجئة والخوارج والجهمية، وليس في ما كتبه مشابه لما جاء هنا؛ وأشد من هذا وأبين كلامه عن " الروح "، فالكلام عنها في هذا الكتاب منقطع الصلة بكلامه عنها في كتاب الفصل، واحسب الفصل الذي عقده المؤلف للكلام عن الروح في هذا الكتاب شاذاً إذا قارناه بما جاء في الفصل كذلك، فإن في هذا الكتاب حديثاً فذاً مدهشاً عن " الثنائية الكونية " يستحق أن يكرر، وابن حزم شغوف بترديد أفكاره وتكريرها، فلو كان هذا من آرائه لبسطه وفصله في مواضع أخرى.
وهذه كلها حجج تناهض ما قدمته من براهين على نسبة الكتاب لابن حزم: فأيها يرجح الدارس
على الرغم من قوة الأدلة في الرأي الأول أراني أرجح أن هذا الكتاب ليس من مؤلفات ابن حزم. أما الاتفاق في الآراء بين ابن حزم والكندي فلا يثبت أن ابن حزم أخذ فلسفة الكندي بطريق مباشر وإنما هو أخذ بعض الآراء الأرسطاطاليسية، فالتقى فيها مع الكندي نفسه.
لقد قرأ ابن حزم الفلسفة على أستاذه محمد بن الحسن المذحجي ووصفه بأنه أهل التمكين في علوم الأوائل (١) وأن كلامه في هذه الأمور كلام من يقتدي به، وعنه أخذ المنطق كما قدمناه فصلته بالمذحجي في الدراسات المنطقية والفلسفية صلة قوية،