للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما ذكرته في فصل من كتاب إلى ديوان الخلافة، وهو:

"قد تكاثرت وسائل الخادم حتى لا يدري ما يجعله لطلابه سفيرًا، وما منها إلا ما يقال: إنه أولٌ وليس فيها ما يُجْعَلُ أخيرًا، غير أنه لا يذكر منها إلّا ما هو توأم إيمانه، والذي لا ينظر الله من ابن آدم إلا إلى مكانه، وفي ذلك كافٍ عن الوسائل التليدة والطريفة، وقول: "لا إلى إلا الله" لا يعدله شيء من الحسنات المودعة في الصحيفة، وقد تجدد الآن للخادم مطلب هو بالنسبة إلى مواهب الديوان العزيز يسير، ولو قامت مطالب الناس في صعيد واحد لأعطي كلًا منها مرامه ولم يقل ذلك كثير، وكتابه هذا سائر إلى تلك المواهب التي يضيق عنها صدر الأرض باتساعه، وليس الذي يسأله ممنعًا فيحال على النظر إلى الجبل في امتناعه، وكما أن عبيد الديوان العزيز أطوار, فكذلك مطالبهم أطوار، وقد جعل الله الأشياء متفاوتة في مراتبها, وكل شيء عنده بمقدار".

وهذا الفصل من أحسن ما يكتب في استنجاز المطلوب، وفيه معاني ثلاثة: أخبار نبوية، ومعنى آيتين من القرآن الكريم، وليس هذا موضع الأخبار، وإنما جاء ضمنًا وتبعًا، فالآية الأولى في سورة "الأعراف" والآية الثانية في سورة "الرعد١".

ومن ذلك ما ذكرته في وصف كاتب، وهو:

"إذا دجا ليل قلمه، وطلعت فيه نجوم كلمه، لم يقعد لها شيطان بلاغة مقعدًا، إلا وجد له شهابًا مُرْصَدًا، فأسرارها مصونة عن كل خاطف، مطوية عن كل قائف".

وهذا المعنى مأخوذ من سورة "الجن"٢.

ومن ذلك ما ذكرته في وصف كاتب أيضًا، فقلت:

"له بنت فكرٍ ما تمخَّضَت بمعنى إلّا أنتجته من غير ما تهمله، وأتت به قومها


١ سورة الرعد: الآية ٨.
٢ انظر سورة الجن: الآية ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>