للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاقتضاب]

وأما الاقتضاب فهو الذي أشرنا إليه في صدر هذا النوع، وهو قطع الكلام واستئناف كلام آخر غيره، بلا علاقة تكون بينه وبينه.

فمن ذلك ما يقرب من التخلص، وهو فصل الخطاب، والذي أجمع عليه المحققون من علماء البيان أنه أما بعد؛ لأن المتكلم يفتتح كلامه في كل أمر ذي شأن بذكر الله وتحميده، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق إليه فصل بينه وبين ذكر الله تعالى بقوله: أما بعد.

ومن الفصل الذي هو أحسن من الوصل لفظه هذا, وهي علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى كلام آخر غيره، كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ، وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ، هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ، جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} ١. ألا ترى إلى ما ذكر قبل "هذا"؟ ذكر من ذكر من الأنبياء عليهم السلام، وأراد أن يذكر على عقبه بابا آخر غيره، وهو ذكر الجنة وأهلها، فقال: {هَذَا ذِكْرٌ} ثم قال: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} ثم لما أتم ذكر أهل الجنة وأراد


١ سورة ص: الآية ٤٩, ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>