للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حل الأبيات الشعرية]

ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول منها وهو أدناها مرتبة:

أن يأخذ الناثر بيتًا من الشعر، فينثره بلفظه من غير زيادة, وهذا عيب فاحش.

ومثاله كمن أخذ عقدًا، قد أتقن نظمه، وأحسن تأليفه, فأوهاه وبدَّدَه، وكان يقوم عذره في ذلك أن لو نقله عن كونه عقدًا إلى صورة أخرى مثله, أو أحسن منه, وأيضًا فإنه إذا نثر الشعر بلفظه كان صاحبه مشهور السرقة، فيقال: هذا شعر فلان بعينه، لكون ألفاظه باقية لم يتغير منها شيء.

وقد سلك هذا المسلك بعض العراقيين، فجاء مستهجنًا لا مستحسنًا؛ كقوله في بعض أبيات الحماسة١:

وألدَّ ذي حنقٍ عليَّ كأنما ... تغلي عداوة صدره في مرجل٢

أرجيته عني فأبصر قصده ... وكويته فوق النواظر من عل٣

فقال في نثر هذين البيتين: "فكم لقي ألدَّ ذي٤ حنقٍ كأنه ينظر إلى الكواكب من علٍ، وتغلي صدره في مرجل، فكواه فوق ناظريه، وأكبَّه لفمه ويديه", فلم يزد هذا الناثر على أن أزال رونق الوزن، وطلاوة النظم لا غير.

ومن هذا القسم ضرب محمودٌ لا عيب فيه، وهو أن يكون البيت من الشعر قد


١ ديوان الحماسة ١/ ٢٣ والبيتان لربيعة بن مقروم الضبي.
٢ الألدّ: الشديد الخصومة، والحنق: الغيظ، والمرجل: القدر من نحاس، يقول: ربَّ خصم تغلي العداوة في صدره غليان المرجل مما فيه على النار.
٣ أرجيته: أخرته وصرفته، قال أبو الفتح بن جني: أكثر من نرى يروي هذا البيت أجريته بالراء، فإذا تعالى شيئًا رواه أرجأته بالهمز، وكلاهما تصحيف، وإنما هو أرجيته بالواو؛ أي: أذللته وقهرته، يقول: ربَّ خصم صرفته عن نفسي، وقد أبصر رشده, وكويته فوق نواظره من أعلاه.
٤ في الأصل "ذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>