هذا كتاب "المثل السائر" الذي ألفه ضياء الدين بن الأثير في أدب الكاتب والشاعر، نقدمه اليوم إلى الباحثين عن الفكرة العربية في مظانتها التي يعد "المثل السائر" في طليعة تلك المظان الأصيلة، بما حوى من الآراء والفكر التي تدور حول فنّ الأدب، والتي تتعمَّق إلى أصوله في عصر ابن الأثير، وفي العصور التي سبقته، وهي التي زخرت بكثير من أصول تلك الصناعة التي اهتدى إليها العلماء وكبار الأدباء والنقاد الذين يعرفهم تاريخ الأدب والنقد عند هذه الأمة العربية التي تعمل اليوم في جد ودأب لبناء قوميتها، وتبحث في إصرار عن المقومات الأصيلة لهذه القومية في السياسة والعلم والتفكير والأخلاق والفنون، لتبعثها من جديد مجارية ركب التقدم، ولتعيد إليها سالف مجدها في بناء الحضارة الإنسانية.
وعلى الرغم مما يمتاز به هذا الكتاب من الآراء المستنيرة التي أثرت عن أعلام التفكير الفني، والتي يعد هذا الكتاب سجلًا حافلًا لها، فإن فيه من معالم الأصالة وآثار الشخصية التي تميز صاحبها من غيره من الباحثين شيئًا كثيرًا.
وقد كان لنا من إخراج هذا الأثر وإعادة نشره غايات ثلاث:
أولاها: تقديم نسخة صحيحة من هذا الكتاب يستطيع الباحثون والدارسون الاعتماد عليها، بعد أن عزَّ على كثير من الطالبين اقتناء نسخة منه، بسبب تقادم العهد بينهم وبين عهود نشره، ونفاد هذا السفر الجليل من المكتبات العربية، مع الإحساس بالحاجة إليها، ليقوم بدوره بجانب ما بعث من آثار التراث العربي في الناحية التي يتصدى لها هذا الكتاب.
والثانية: إحياء ناحية لها أهميتها من نواحي التفكير الفنيّ عند العرب في هذا العهد الذي يمتاز ببعث نفائس التراث العربي، وإحياء مصادر الثقافة العربية ونشرها، تمهيدًا لدرسها، واستخراج كل صالح مفيد من الأفكار التي اشتملت عليها.