للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع السادس عشر: في الإطناب]

[مدخل]

...

[النوع السادس عشر: في الإطناب]

هذا النوع من الكلام أنعمت النظر فيه، وفي التكرير، وفي التطويل، فملكتني حيرة الشبه بينها طويلًا، وكنت في ذلك كعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الكلالة، حيث قال: قد أعياني أمر الكلالة١، وكنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها كثيرًا، حتى ضرب في صدري، وقال: "ألا يكفيك آية الصيف"؟

وبعد أن أنعمت نظري في هذا النوع الذي هو "الإطناب"، وجدته٢ ضربا من ضروب التأكيد التي يؤتى بها في الكلام قصدًا للمبالغة، ألا ترى أنه ضرب مفرد من بينها برأسه لا يشاركه فيه غيره؛ لأن من التأكيد ما يتعلق بالتقديم والتأخير، كتقديم المفعول، وبالاعتراض، كالاعتراض بين القسم وجوابه، وبين المعطوف والمعطوف عليه، وأشباه ذلك وسيأتي الكلام عليه في بابه.

وهذا الضرب الذي هو الإطناب ليس كذلك.

اختلاف علماء البيان في الإطناب:

ورأيت علماء البيان قد اختلفوا فيه، فمنهم من ألحقه بالتطويل الذي هو ضد الإيجاز٣، وهو عنده قسم غيره، فأخطأ من حيث لا يدري، كأبي هلال


١ الكلالة من لا ولد له ولا والد، وما لم يكن من النسب لحا، أو من تكلل نسبه بنسبك كابن العم وشبهه، أو هي الأخوة للأم، أو بنو العم الأباعد، أو ما خلا الوالد والولد، أو هي من العصبة من ورث معه الأخوة للأم، ولهم أحكام يرجع إليها في قواعد الميراث.
٢ في الأصل "وجدت" من غير الضمير، والسياق يقتضيه.
٣ يفرق أبو هلال بين الاسطناب الإطناب، فالإطناب عنده بلاغة، والتطويل على؛ لأن التطويل بمنزلة سلوك ما يبعد جهلا بما يقرب، والإطناب بمنزلة سلوك طريق بعيد نزه يحتوي على زيادة فائدة "وانظر الصناعتين ١٩١".

<<  <  ج: ص:  >  >>