ولنقدم قبل الكلام في هذا الموضع قولًا جامعًا، فنقول:
اعلم أن للفصاحة والبلاغة أوصافًا خاصة، وأوصافًا عامة.
فالخاصة: كالتجنيس فيما يرجع إلى اللفظ، وكالمطابقة فيما يرجع إلى المعنى.
وأما العامة فكالسجع فيما يرجع إلى اللفظ، وكالاستعارة فيما يرجع إلى المعنى.
وهذا الموضع الذي نحن بصدد ذكره -وهو الاستعارة- كثير الإشكال، غامض الخفاء.
وسأورد في كتابي هذا ما استخرجته، ولم أسمع فيه قولًا لغيري.
وكنت قدمت القول في الفصل السابع من مقدمة الكتاب١، فيما يختص بإثبات المجاز، والرد على من ذهب إلى أن الكلام كله حقيقة لا مجاز فيه، وأقمت الدليل على ذلك، ولا حاجة إلى إعادته ههنا.
بل الذي أذكره ههنا هو ما يختص بالاستعارة التي هي جزء من المجاز، ولم سميت بهذا الاسم، وكشفت عن حقيقتها، وميزتها عن التشبيه المضمر الأداة.
والكلام في هذا يحتاج إلى إعادة ذكر المجاز، وإدخاله فيه ليتقرر ويتبين.
أقسام المجاز:
والذي انكشف لي بالنظر الصحيح أن المجاز ينقسم قسمين: