للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الثاني: حذف المفردات]

[الضرب الأول: حذف الفاعل والاكتفاء في الدلالة عليه بذكر الفعل]

...

[القسم الثاني: حذف المفردات]

أما القسم الثاني المشتمل على حذف المفردات، فإنه يتصرف على أربعة عشر ضربًا:

١- الضرب الأول: حذف الفاعل والاكتفاء في الدلالة عليه بذكر الفعل

كقول العرب: "أرسلت"، وهم يريدون جاء المطر، ولا يذكرون السماء، ومنه قول حاتم١:

أما وي، ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

يريد: النفس، ولم يجر لها ذكر.

وعلى هذا ورد قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} ٢، والضمير في: {بَلَغَتِ} للنفس، ولم يجر لها ذكر.

وقد نص عثمان بن جني -رحمه الله تعالى- على عدم الجواز في حذف الفاعل، وهذه الآية وهذا البيت الشعري، وهذه الكلمة الواردة عن العرب على خلاف ما ذهب إليه٣.

إلا أن حذف الفاعل لا يجوز على الإطلاق، بل يجوز فيما هذا سبيله، وذاك أنه لا يكون إلا فيما لا يكون إلا فيما دل الكلام عليه.

ألا ترى أن التي تبلغ التراقي إنما هي النفس، وذلك عند الموت، فعلم حينئذ أن


١ ديوان حاتم الطائي ١١٨، من مجموع يشتمل على خمسة دواوين من أشعار العرب: للنابغة، وعروة بن الورد، وحاتم طي، وعلقمة الفحل، والفرزدق "المطبعة الوهبية، القاهرة ١٢٩٣هـ"، والبيت من قصيدة رواها ابن الكلبي لحاتم، ومطلعها:
أما وي طال التجنب والهجر ... وقد عذرتني من طلابكم العذر
٢ سورة القيامة: الآيتان ٢٦ و٢٧.
٣ هذا ليس من باب حذف الفاعل إلا عند الكوفيين، والضمير في الآية عائد على النفس، وكذلك في بيت حاتم، وفي قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} ، فإن الضمير في: {تَوَارَتْ} عائد إلى الشمس، ولم يتقدم لها ذكر. وذلك إذا كان الاسم الظاهر مفهوما من سياق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>