وأما النوع السادس: وهو حفظ القرآن الكريم, فإن صاحب هذه الصناعة ينبغي له أن يكون عارفًا بذلك؛ لأن فيه فوائد كثيرة، منها أنه يضمِّن كلامه بالآيات في أماكنها اللائقة بها, ومواضعها المناسبة لها، ولا شبهة فيما يصير للكلام بذلك من الفخامة والجزالة والرونق.
ومنها أنه إذا عرف مواقع البلاغة وأسرار الفصاحة المودَعَة في تأليف القرآن اتخذه بحرًا يستخرج منه الدرر والجواهر, ويودعها مطاوي كلامه، كما فعلتُه أنا فيما أنشأته من المكاتبات، وكفى بالقرآن الكريم وحده آلة وأداة في استعمال أفانين الكلام.
فعليك أيها المتوشِّح لهذه الصناعة بحفظه, والفحص عن سره, وغامض رموزه وإشاراته، فإنه تجارة لن تبور، ومنبع لا يغور، وكنز يرجع إليه، وذخر يعول عليه.