للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- الضرب الرابع: وهو حذف المضاف والمضاف إليه، وإقامة كل واحد منهما مقام الآخر

وذلك باب عريض طويل شائع في كلام العرب، وإن كان أبو الحسن الأخفش١ -رحمه الله- لا يرى القياس عليه.

فأما حذف المضاف، فكقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} ٢، فحذف المضاف إلى يأجوج ومأجوج٣، وهو سدهما، كما حذف المضاف إلى القرية في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ٤، أي: أهل القرية٥.

ومن ذلك أيضًا قوله عزوجل: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} ٦، أي: خصلة من اتقى، وإن شئت كان تقديره، ولكن ذا البر من اتقى، والأول أولى؛ لأن حذف المضاف


١ هو سعيد بن مسعدة أبو الحسن الأخفش الأوسط، وهو أحد الأخافش الثلاثة المشهورين، كان مولى بني مجاشع بن دارم، من أهل بلخ، سكن البصرة، البصرة، وقرأ النحو على سيبويه، وكان أسن منه، ولم يأخذ عن الخليل، وكان معتزليا، دخل بغداد، وأقام بها مدة، وروى وصنف بها، قال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشئ، ثم قطرب قال: وكان
الأخفش أعلم بالكلام، وأحذقهم بالجدل، صنف الأوساط في النحو، ومعاني القرآن، والمقاييس في النحو والاشتقاق، والمسائل: الكبيرة والصغيرة؛ والعروض والقوافي والأصوات، وغير ذلك، ومات سنة ٢١٠، وقيل: ٢٢١هـ -وانظر بغية الوعاة ٢٥٨.
٢ سورة الأنبياء: الآية ٩٦.
٣ هما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف، وهمزهما عاصم فقط، وهما من ولد يافث بن نوح، أو يأجوج من الترك، ومأجوج من الجبل والديلم، قال النسفي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} ، قيل: كانوا يأكلون الناس، وقيل: كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون شيئا أخضر إلا أكلوه، ولا يابسا، احتملوه ... كلهم قد حمل السلاح، وقيل: هم على صفتين طوال مفرطو الطول، وقصار مفرطو القصر، ٢٠.٣".
٤ سورة يوسف: الآية ٨٢.
٥ عقب النسفي على هذه الآية يمثل ما عقب به الأثير، قال النسفي "٣/ ٦٩": أي فتح سدهما، فحذف المضاف، كما حذف المضاف إلى قربة، وقال في هذا الموضع: إن يأجوج ومأجوج قبيلتان من جنس الإنس، يقال: الناس عشرة أجزاء، تسعة منها يأجوج ومأجوج.
٦ سورة البقرة: الآية ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>