للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع العشرون في المغالطات المعنوية:

وهذا النوع من أحلى ما استعمل في الكلام وألطفه، لما فيه من التورية, وحقيقته أن يذكر معنى من المعاني له مثل في شيء آخر ونقيض، والنقيض أحسن موقعا، وألطف مأخذا. فالأول الذي يكون له مثل يقع في الألفاظ المشتركة، فمن ذلك قول أبي الطيب المتنبي:

يشلهم بكل أقب نهد ... لفارسه على الخيل الخيار

وكل أصم يعسل جانباه ... على الكعبين منه دم ممار

يغادر كل ملتفت إليه ... ولبته لثعلبه وجار١

فالثعلب هو هذا الحيوان المعروف، والوجار اسم بيته، والثعلب أيضًا هو طرف سنان الرمح، فلما اتفق الاسمان بين الثعلبين حسن ذكر الوجار في طرف السنان، وهذا نقل المعنى من مثله إلى مثله.

وعليه ورد قول المتنبي:

برغم شبيب فارق السيف كفه ... وكانا على العلات يصطحبان


١ من قصيدته في مدح سيف الدولة لما أوقع ببني عقيل وقشير وبني العجلان وبني كلاب حين عانوا وخالفوا عليه "الديوان ٢/ ٢٤٣".
يشلهم: يطردهم. الأقب: الضامر البطن. نهد: مرتفع. يقول: إنه يطردهم بكل فرس ضامر نهد لفارسه لخيار، إن شاء لحق وإن شاء سبق. أصم: رمح صلب ليس بأجوف. يعسل: يضطرب. ممار: مسال مهرق. يغادر: يترك والضمير للرمح. اللبة: أعلى الصدر. الثعلب. المراد هنا ما دخل من الرمح في السنان. الوجار: بيت الوحش من ضبع وثعلب ونحوهما يقول: إن هذا الرمح يترك من يلتفت إليه من الأعداء ونحره مطعون يدخل ثعلبه في نحره.

<<  <  ج: ص:  >  >>