للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السلخ]

وأما السلخ فإنه ينقسم إلى اثني عشر ضربا، وهذا تقسيم أوجبته القسمة، وإذا تأملته علمت أنه لم يبق شيء خارج عنه.

فالأول: أن يؤخذ المعنى ويستخرج منه ما يشبهه، ولا يكون هو إياه، وهذا من أدق السرقات مذهبا، وأحسنها صورة ولا يأتي إلا قليلا. فمن ذلك قول بعض شعراء الحماسة:

لقد زادني حبا لنفسي أنني ... بغيض إلى كل امرئ غير طائل١

أخذ المتنبي هذا المعنى واستخرج منه معنى آخر غيره إلا أنه شبيه به، فقال:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل٢

والمعرفة بأن هذا المعنى أصله من ذاك المعنى عسر غامض، وهو غير متبين إلا لمن أعرق في ممارسة الأشعار، وغاص في استخراج المعاني وبيانه أن الأول يقول: إن بغض الذي هو غير طائل إياي مما زاد نفسي حبا إلي, أي: جملها في عيني وحسنها عندي كون الذي هو غير طائل مبغضي. والمتنبي يقول: إن ذم الناقص إياي شاهد بفضلي، فذم الناقص إياه كبغض الذي هو غير طائل ذلك


١ الشعر للطرماح بن حكيم الطائي "شرح الحماسة للمرزوقي ١/ ٢٢٧ والأغاني ١٠/ ١٥٠ غير طائل: غير فاضل، دون خسيس".
٢ من قصيدته في مدح القاضي أبي الفضل أحمد بن عبد الله الأنطاكي، ومطلعها:
لك يا منازل في القلوب منازل ... أقفرت أنت وهن منك أواهل
ورواية الديوان "بأني كامل" وهي أولى من "فاضل" لتضاد كلمة ناقص "الديوان ٣/ ٤٦٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>