[القسم الأول: حذف الجمل]
[الضرب الأول: حذف السؤال المقدر "ويسمى الاستئناف"]
...
[القسم الأول: حذف الجمل]
فأما القسم الأول، وهو الذي تحذف منه الجمل، فإنه ينقسم إلى قسمين أيضا:
أحدهما: حذف الجمل المفيدة التي تستقل بنفسها كلاما، وهذا أحسن المحذوفات جميعها، وأدلها على الاختصار ولا تكاد تجده إلا في كتاب الله تعالى.
والقسم الآخر: حذف الجمل غير المفيدة، وقد وردا ههنا مختلطين.
وجملتهما أربعة أضرب:
١- الضرب الأول: حذف السؤال المقدر "ويسمى الاستئناف"
ويأتي على وجهين:
الوجه الأول: إعادة الأسماء والصفات
وهذا يجيء تارة بإعادة اسم من تقدم الحديث عنه، كقولك: أحسنت إلى زيد زيد حقيق بالإحسان.
وتارة يجيء بإعادة صفته، كقولك: أحسنت إلى زيد صديقك القديم أهل لذلك منك.
وهو أحسن من الأول وأبلغ، لانطوائه على بيان موجب للإحسان وتخصيصه.
فمما ورد من ذلك قوله تعالى: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ١.
والاستئناف واقع في هذا الكلام على: {وَأُولَئِكَ} ؛ لأنه لما قال: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ} إلى قوله: {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} ، اتجه لسائل أن يقول: ما بال المستقلين بهذه الصفات قد اختصوا بالهدى? فأجيب بأن أولئك الموصوفين غير مستبعد أن يفوزوا دون الناس بالهدى عاجلا، وبالفلاح آجلا.
الوجه الثاني: الاستئناف بغير إعادة الأسماء والصفات
وذلك كقوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ، إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ
١ سورة البقرة: الآيات ١ و٢ و٣ و٤ و٥.