للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع الثامن والعشرون: الإرصاد]

وحقيقته أن يبني الشاعر البيت من شعره على قافية قد أرصدها له أي: أعدها في نفسه، فإذا أنشد صدر البيت عرف ما يأتي في قافيته. وذلك من محمود الصنعة، فإن خير الكلام ما دل بعضه على بعض.

وفي الافتخار بذلك يقول ابن نباتة السعدي:

خذها إذا أنشدت في القوم من طرب ... صدورها عرفت منها قوافيها

ينسى لها الراكب العجلان حاجته ... ويصبح الحاسد الغضبان يطريها١

فمن هذا الباب قول النابغة:

فداء لامرئ سارت إليه ... بعذرة ربها عمي وخالي

ولو كفي اليمين بغتك خونا ... لأفردت اليمين عن الشمال٢

ألا ترى أنه يعلم إذا عرفت القافية في البيت الأول أن في البيت الثاني ذكرا الشمال؟.

وكذلك جاء قول البحتري:

أحلت دمي من غير جرم وحرمت ... بلا سبب يوم اللقاء كلامي

فليس الذي حللته بمحلل ... ليس الذي حرمته بحرام٣


١ يتيمة الدهر ٢/ ٣٧٩ وكان بالأصل يطويها.
٢ من مدحة للنعمان بن المنذر والاعتذار له وبالأصل
ولو كفى اليمين نفتك خوفا
٣ من قصيدته في مدح المتوكل، التي مطلعها.
ألا هل أتاها بالمغيب سلامي ... وهل خبرت وجدي بها وغرامي
"الديوان ٢/ ٢٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>