للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا ورد قول أبي الطيب المتنبي١:

دانٍ بعيدٍ مبغضٍ بهجٍ ... أغرّ حلو مُمِرّ ليِّنٍ شرس٢

ندٍ أبيٍّ غرٍ وافٍ أخي ثقةٍ ... جعدٍ سريٍّ ندبٍ رضًى نَدُس٣

وهذا كأنه سلسلة بلا شك، وقليلًا ما يوجد في أشعار الشعراء، ولم أجده كثيرًا إلّا في شعر الفرزدق، وتلك معاظلة معنوية، وسيأتي بيانها في بابها, وهذه معاظلة لفظية, وهي توجد في شعر أبي الطيب كثيرًا.


١ ديوانه ٢/ ١٨٩ من قصيدة في مدح عبيد الله بن خراسان الطرابلسي، ومطلعها:
أظبية الوحش لولا ظبية الأنس ... لما غدوت مجد في الهوى تعس
٢ البهج الفرح، والشرس هنا الصعب، ومعنى البيت: هو قريب ممن يقصده، بعيد ممن ينازعه، محب للفضل وأهله، مبغَّض للنقض وأهله، يبهج بالقصاد، حلو لأوليائه، مر على أعدائه، لين حسن الخلق على الأولياء, شرس صعب على الأعداء، يريد أنه جامع لهذه الأوصاف، كذا قال أبو الفتح بن جني، ونقله الواحدي حرفًا حرفًا، وانظر البيتين في شرح الديوان.
٣ ند: جواد، يريد ندى الكفِّ، والأبيّ: الذي يأبى الدنايا، غر: أي مغرى يفعل الجميل جمد ماض في الأمر، والسرى: الشريف، وأنه: أي ذو نهية وهي العقل، والندب: السريع في الأمر إذا ندب إليه، والندس: العارف بالأمور البحاث عنها، وهو بضم الدال وكسرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>