للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان ذلك أنه لا يخلو الأمر فيها من وجهين:

إما أن يريد أنه سابق الهمة إلى معالي الأمور، كما قال الحجاج على المنبر عند وصوله العراق:

أنا ابن جلا وطلَّاع الثنايا١

أي: أنا الرجل المشهور السابق إلى معالي الأمور:

فإن أراد العجير بقوله: "طلوع الثنايا" ما أشرت إليه، فذكر "المطايا" يفسد ذلك المعنى؛ لأن معالي الأمور لا يرقى إليها بالمطايا.

وإن أراد الوجه الآخر، وهو أنه كثير الأسفار، فاختصاصه الثنايا بالذكر دون الأرض من المفاوز وغيرها لا فائدة فيه.

وعلى كلا الوجهين فإن ذكر المطايا فضلة لا حاجة إليه، وهو تطويل بارد عث.

فقس على هذا المثال ما يجري مجراه من التطويلات التي إذا أسقطت من الكلام بقي على حاله لم يتغير شيء.

وكذلك يجري الأمر في ألفاظ يوصل بها الكلام، فتارة تجيء لفائدة، وذلك قليل، وتارة تجيء لغير فائدة، وذلك كثير، وأكثر ما ترد في الأشعار ليوزن بها الأبيات الشعرية، وذلك نحو قولهم: أعمري، ولعمرك، ونحو: أصبح، وظل وأضحى وبات، وأشبها ذلك، ونحو: يا صاحبي ويا خليلي، وما يجري هذا المجرى.

فمما جاء منه قول أبي تمام:

أقروا -لعمري- لحكم السيوف ... وكانت أحق بفضل القضاء٢


١ هذا صدر البيت، وعجزه.
متى أضع العمامة تعرفوني
٢ ديوان أبي تمام ٢٤٨ من قصيدة يرثى بها خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني، ومطلعها:
نهاء إلى كل حي نعاء ... فتى العرب اختط ربع الفناء
ورواية الديوان "أقروا لعمري بحكم السيوف".

<<  <  ج: ص:  >  >>