للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما جاء منه قول أبي محجن الثقفي١ لما نهاه سعد بن أبي وقاص٢ -رضي الله عنه- عن شرب الخمر، وهو إذ ذاك في قتال الفرس بالقادسية٣:

رأيت الخمر صالحة وفيها ... مناقب تهلك الرجل الحليما

فلا والله أشربها حياتي ... ولا أسقي بها أبدا نديما

يريد: "لا أشربها"، فحذف "لا" من الكلام، وهي مفهومة منه.


١ ذكر ابن دريد في الاشتقاق "٣٠٤"، فقال: كان شاعرًا فارسا شجاعا، شهد يوم القادسية، وكان له فيها بلاء عظيم، وقد شهده يومئذ عمرو بن معد يكرب وغيره من فرسان العرب، فلم يبل أحد بلاده، وذكره ابن قتيبة في الشعر والشعراء "١/ ٣٨٧" قال: هو من ثقيف، قال: وكان مولعًا بالشراب، مشتهرًا به، وذكر ابن سلام أنه أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي، قال: وأبو محجن رجل شاعر شريف، وكان قد غلب عليه الشراب؛ فضرب فيه مرارا، ثم حبسه سعد بالقادسية في القصر معه، والناس يقتلون، فجال المسلمون جولة، وهو ينظر، وكان مقيدا يؤمئذ عند زيد، أم ولد سعد بن أبي وقاص، فقال لها: أطلقيني، فلك الله، لئن فتح الله على المسلمين، وسلمت لأرجعن حتى أضع رجلي في القيد، فأطلقته وحملته على فرس لسعد، فأخذ الرمح، فخرج فقاتل، فحطم المشركين، وكان سبب الهزيمة "طبقات الشعراء ٢٢٦".
٢ اسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري، ويكنى سعد أبا إسحاق، كان سابع سبعة في إسلامه، أسلم بعد ستة، شهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد، وهو أحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي وهو عنهم راض. وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وبقية أخباره في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" ٦٠٦ وما بعدها.
٣ قرية قرب الكوفة من جهة البر، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخًا، وبينهما وبين العذيب أربعة أميال عندها كانت الوقعة العظمى بين المسلمين، وفارس قتل فيها أهل فارس، وفتحت بلادهم على المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>