للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان الذي يقع على النكرة ناقصًا فلا يكون إلا بحذف الواو، نحو قولك: ما أظن درهما إلا هو كافيك، ولا يجوز إلا وهو كافيك، بالواو؛ لأن الظن يحتاج إلى شيئين، فلا يعترض فيه بالواو؛ لأنه يصير كالمكتفي من الأفعال باسم واحد.

وكذلك جواب ظننت وكان، وإن وأشباهها، فخطأ أن تقول: إن رجلا وهو قائم، ونحو ذلك.

ويجوز هذا في "ليس" خاصة، تقول: ليس أحد إلا وهو قائم؛ لأن الكلام يتوهم تمامه بليس وبحرف ونكرة، ألا ترى أنك تقول: ليس أحد، وما من أحد، فجاز فيها إثبات الواو، ولم يجوز في أظن؛ لأنك لا تقول: ما أظن أحدًا، فأما أصبح وأمسى ورأى، فإن الواو فيهن أسهل؛ لأنهن توأم في حال، وكان وأظن ونحوهما بنين على النقص، إلا إذا "كانت" تامة.

وكذلك "لا" في التنزيه وغيرها، نحو لا رجل، وما من رجل، فيجوز إثبات الواو فيها وحذفها.

واعلم أن العرب قد حذفت من أصل الألفاظ شيئا لا يجوز القياس عليه، كقول بعضهم١:

كأن إبريقهم ظبي على شرف ... مفدم بسبا الكتان ملثوم٢

فقوله: "بسبا الكتان" يريد بسبائب الكتان٣.


١ هو علقمة بن عبدة، علقمة الفحل، من قصيدته التي أولها:
هي ما عملت وما استودعت مكتوم ... أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم
والقصيدة في شعراء النصرانية ٤٩٨.
٢ في الأصل "مفدم"، وهي رواية شعراء النصرانية "١٠٥" بالقاف موضع "مفدم"، والمفدم الذي جعل الفدام على فيه، وهو خرقة تجعل في فم الإبريق، والشرف المكان العالي المشرف.
٣ هذا عيب من عيوب ائتلاف اللفظ، والوزن عند قدامة بن جعفر سماه "التثليم" قال: وهو أن يأتي الشاعر بألفاظ يقصر عنها العروض، فيضطر إلى ثلمها، والنقص منها مثال قول أمية بن أبي الصلت:
ما أرى من يعينني في حياتي ... غير نفسي إلا بني إسرال
=

<<  <  ج: ص:  >  >>