للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} ١.

فقوله: {يَعْلَمُونَ} ، بعد قوله: {لَا يَعْلَمُونَ} ، من الباب الذي نحن بصدد ذكره، ألا ترى أنه نفى العلم عن الناس بما خفي عنهم من تحقيق وعده، ثم أثبت لهم العلم بظاهر الحياة الدنيا، فكأنهم علموا وما علموا، إذ العلم بظاهر الأمور ليس بعلم، وإنما العلم هو ما كان بالباطن من الأمور.


١ سورة الروم: الآيات ١-٧.
٣- الضرب الثالث: هو أن يذكر المعنى الواحد تاما لا يحتاج إلى زيادة، ثم يضرب له مثال من التشبيه
كقول أبي عبادة البحتري١:
ذات حسن لو استزادت من الحس ... ن إليه لما أصابت مزيدا
فهي كالشمس بهجة، والقضيب اللدن قدا، والريم طرفا وجيدا٢.
ألا ترى أن الأول كاف في بلوغ الغاية في الحسن؛ لأنه لما قال: "لو استزادت لما أصابت مزيدا" دخل تحته كل شيء من الأشياء الحسنة، إلا أن للتشبيه مزية أخرى تفيد السامع تصويرا، وتخييلا لا يحصل له من الأول.
وهذا الضرب من أحسن ما يجيء في باب الإطناب.

<<  <  ج: ص:  >  >>