للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} ١.

وهذه الآيات يظن أنها من باب التكرير، وليست كذلك.

وقد أنعمت نظري فيها فرأيتها خارجة عن حكم التكرير، وذلك أنه أطال الفصل من الكلام، وكان أوله يفتقر إلى تمام إلا يفهم إلا به، فالأولى في باب الفصاحة أن يعاد لفظ الأول مرة ثانية، ليكون مقارنا لتمام الفصل، كي لا يجيء الكلام منثورا، لا سيما في "إن وأخواتها".

فإذا وردت "إن" وكان بين اسمها وخبرها فسحة طويلة من الكلام فإعادة "إن" أحسن في حكم البلاغة والفصاحة، كالذي تقدم من هذه الآيات.

وعليه ورد قول بعضهم من شعراء الحماسة٢:

أسجنا وقيدا واشتياقا وغربة ... ونأي حبيب إن ذا لعظيم

وإن امرأ دامت مواثيق عهده ... على مثل هذا إنه لكريم٣

فإنه لما طال الكلام بين اسم إن وخبرها أعيدت "إن" مرة ثانية؛ لأن تقدير الكلام: وإن امرأ دامت مواثيق عهده على مثل هذا لكريم،


١ سورة آل عمران: الآية ١٨٨.
٢ ديوان الحماسة ٢/ ١٠٥ ولم ينسبهما أبو تمام.
٣ رواية البيت الثاني في ديوان الحماسة:
وإن امرأ دامت مواثيق عهده ... على مثل ما قاسيته لكريم
وعلى هذه الرواية لا يكون البيت موضعا للاستشهاد؛ لأنه لا تكرار فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>