الذي لا يوصف إلا بسلب الصفات، ولا ينعت إلا برفع النعوت، الأزلي بلا ابتداء الأبدي بلا انتهاء، القديم لا منذ أمد محدود، الدائم لا إلى أجل معدود، الفاعل لا من مادة استمدها, ولا بآلة استعملها، الذي لا تدركه الأعين بلحاظها، ولا تحده الألسن بألفاظها، ولا تخلقه العصور بمرورها، ولا تهرمه الدهور بكرورها، ولا تصارعه الأجسام بأقطارها، ولا تجانسه الصور بأعراضها، ولا تجاريه أقدام النظر أو الأشكال، ولا تزاحمه مناقب القرناء والأمثال، بل هو الصمد الذي لا كفء له، والفذ الذي لا توأم معه، والحي الذي لا تخرمه المنون، والقيوم الذي لا تشغله الشئون، والقدير الذي لا تؤده المعضلات، والخبير الذي لا تعييه المشكلات".
وهذه التحميدة لا تناسب الكتاب الذي افتتح بها، ولكنها تصلح أن توضع في صدر مصنف من مصنفات أصول الدين، ككتاب الشامل للجويني، أو كتاب الاقتصار، أو ما جرى مجراها، وأما أن توضع في صدر كتاب فتح فلا.
وهو وإن أساء في هذا الموضع فقد أحسن في مواضع أخرى، وذاك أنه كتب كتابا عن الخليفة الطائع رحمه الله تعالى إلى الأطراف عند عوده إلى كرسي ملكه، وزوال ما نزل به وبأبيه المطيع رحمه الله تعالى من فادحة الأتراك، فقال: "الحمد لله ناظم الشمل بعد شتاته، وواصل الحبل بعد بتاته، وجابر الوهن إذا انثلم١، وكاشف الخطب إذا أظلم، والقاضي للمسلمين بما يضم نشرهم، ويشد أزرهم، ويصلح ذات بينهم، ويحفظ الألفة عليهم، وإن