للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المواخاة بين المعاني فهو أن يذكر المعنى مع أخيه, لا مع الأجنبي، مثاله أن تذكر وصفا من الأوصاف وتقرنه بما يقرب منه ويلتئم به، فإن ذكرته مع ما يبعد منه كان ذلك قدحا في الصناعة وإن كان جائزا.

فمن ذلك قول الكميت:

أم هل ظعائن بالعلياء رافعة ... وإن تكامل فيها الدل والشنب١

فإن الدال يذكر مع الغنج وما أشبهه، والشنب يذكر مع اللعس وما أشبهه، وهذا موضع يغلط فيه أرباب النظم والنثر كثيرا، وهو مظنة الغلظ؛ لأنه يحتاج إلى ثاقب فكرة وحذق, بحيث توضع المعاني مع أخواتها، لا مع الأجنبي منها.

وقرأت في كتاب الأغاني لأبي الفرج أنه اجتمع نصيب والكميت وذو الرمة، فأنشد الكميت

أم هل ظعائن البيت

فعقد نصيب واحدة، فقال له الكميت: ماذا تحصي? قال: خطأك، فإنك تباعدت في القول، أين الدل من الشنب? ألا قلت كما قال ذو الرمة.

لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي للثاث وفي أنيابها شنب٢

ورأيت أبا نواس يقع في ذلك كثيرا، كقوله في وصف الديك:

له اعتدال وانتصاب قد ... وجلده يشبه وشي البرد


١ ليس البيت بالهاشميات. الشنب: ماء ورقة وعذوبة وبرد في الأسنان.
٢ الأغاني ١/ ١٣٤ مع بعض تغيير. الشنب: ماء ورقة وعذوبة وبرد في الأسنان. لمياء: سمراء الشفة. الحوة: حمرة مشوبة بسواد. اللعس: سواد مستحسن في الشفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>