للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزجو ويخشى حالتيك الورى ... كأنك الجنة والنار١

وكذلك ورد قول بعض المتأخرين، وهو القاضي الأرجاني:

يوم المتيم فيك حول كامل ... يتعاقب الفصلان فيه إذا أتى

ما بين حر جوى وماء مدامع ... إن حن صاف وإن بكى وجدا شتا٢

ومما أخذ على الفرزدق في هذا الباب قوله:

لقد جئت قوما لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملًا ثقل مغرم

لألفيت منهم معطيا أو مطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج المقوم٣

لأنه أصاب في التفسير وأخطأ في الترتيب، وذاك أنه أتى بتفسير ما هو أول في البيت الأول ثانيًا في البيت الثاني، والأولى أن كان أتى بتفسير ذلك مرتبا، ففسر ما هو أول في البيت الأول بما هو مكان في البيت الثاني.


١ من قصيدته التي مدح بها العباس بن الفضل بن الربيع، التي مطلعها:
أمنك للمكتوم إظهار ... أم منك تغبيب وإنكار
الديوان ٤٤٤، تغبيب: دفاع عني.
٢ من مدحته للفقيه جمال الدين بن الحسن بن سليمان، ومطلعها:
يا معرضا قد آن أن تتلفتا ... تعذيب قلبي المستهام إلى متى
٣ كان القعقاع بن عوف بن معبد زرارة قد أصاب دما في بني سعد بن زيد مناة وهرب، فشكاه بنو سعد إلى والي البصرة حينئذ عبيد الله بن زياد، فبعث وراءه رئيس شرطته هبيرة بن ضمضم المجاشعي، وقاله له: لئن لم تأتني به قتلتك، فظفر به هبيرة، فامتنع عليه، فصوب إليه هبيرة الرمح ليستسلم وهو لا يريد قتله، فأصابه الرمح في جوفه فمات مكانه، وعاد هبيرة خائبا، فقال الفرزدق أبياتا يعرض فيها بضمضم، مطلعها.
وقائلة والدمع يحدر كحلها ... لبئس المدى أجرى إليه ابن ضمضم
والبيتان في الديوان هكذا:
لقد خنت قوما لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملا ثقل مغرم
لألفيت منهم مطعما ومطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج المقوم
الديوان ٢/ ٧٤٩ شزرا: المراد في غضب. الوشيج المقوم: الرمح.

<<  <  ج: ص:  >  >>