للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علام تلفتين وأنت تحتي ... وخير الناس كلهم أمامي

متى تأتي الرصافة تستريحي ... من الأنساع والدبر الدوامي١

أخذه أبو نواس فصار أملك به، وأحسن فيه غاية الإحسان، فقال:

وإذا المطي بنا بلغن محمدا ... فظهورهن على الرجال حرام٢

فالفرزدق قال:

تستريحي من الأنساع والدبر الدوامي

وليست استراحتها بمانعة من معاودة إتعابها مرة أخرى، وأما أبو نواس فإنه حرم ظهورهن على الرجال، أي: إنها تعفى من السفر إعفاء مستمرا، ولا شك أن أبا نواس لم يتنبه لهذه الزيادة إلا من فعل العرب في السائبة والبحيرة٣.

وعلى هذا الأسلوب ورد قول المتنبي:

وملومة زرد ثوبها ... ولكنه بالقنا مخمل٤


١ من قصيدته في مدح هشام بن عبد الملك "الديوان ٨٣٥" وفي الديوان "إلام تلفتين".
٢ من قصيدته في مدح الأمين "الديوان ٤٠٧".
٣ السائبة: البعير يدرك نتاج نتاجه فيسبب أي: يترك لا يركب والناقة كان تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه أو كانت إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت أو كان الرجل إذا قدم من سفر بعيد أو نجت دابتة من حرب أو مشقة قال هي سائبة، وكانت لا تمنع من ماء ولا كلأ ولا تركب.
البحيرة: كانوا إذا نتجت الناقة أو الشاة عشرة أبطن بحروها وتركوها ترعى وحرموا لحمها إذا ماتت على نسائهم وأكلها الرجال، أو التي خليت بلا راع، أو هي ابنة السائبة، وكانوا يحرمون لحمها وركوبها.
٤ من قصيدته في مدح سيف الدولة "الديوان ٣/ ٢٤١".
ملمومة: كتيبة مجتمعة، والكلمة معطوفة على كلمة مرفوعة من قبل: زرد ثوبها. ثيابها دروع لها. والزرد حلق الدرع، أي: حال بينهم وبين ما يشتهون جيشك الذي اتخذ فرسانه الدروع لباسا لهم، إلا أن ذلك الثوب مخمل بالرماح كالخمل لتلك الثياب.

<<  <  ج: ص:  >  >>