للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك قول بشار:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللهج١

أخذه سلم الخاسر -وكان تلميذه- فقال:

من راقب الناس مات غما ... وفاز باللذة الجسور٢

فبين البيتين لفظتان في التأليف.

ومن هذا الأسلوب قول أبي تمام:

برزت في طلب المعالي واحدًا ... فيها تسير مغورًا أو منجدًا

عجبا بأنك سالم في وحشة ... في غاية ما زلت فيها مفردًا٣


١ الديوان ٢/ ٧٥، الفاتك: القاتل واستعاره للجريء والذي لا يبالي إنكار الناس. اللهج: المغري بالشيء المثابر عليه المقدام.
٢ ذكر أبو هلال في الصناعتين ٢١٤ إن بشارا لما سمع بيت سلم قال: ذهب ابن الفاعلة ببيتي. وفي شرح ديوان بشار ٢/ ٧٥ وطبقات الشعراء لابن المعتز ١٠٠ أنه قال: فهو أخف منه وأعذب، والله لا أكلت ولا شربت اليوم. فلما بلغ ذلك سلما استنفع إلى بشار بجماعة، فذهبوا به فقال بشار: أين هو الخبيث؟ قالوا: ها هوذا، فقام إليه وسلم، فقبل سلم رأسه وقال له: يا أبا معاذ خريجك وتلميذك. قال بشار: يا سلم من الذي يقول؟
من راقب الناس لم يظفر بحاجته
قال: أنت يا أبا معاذ. قال: فمن الذي يقول:
من راقب الناس مات غما
قال: خريجك يا أبا معاذ. قال: أفتأخذ معاني التي قد عنيت بها وتعبت في استنباطها، فتكسوها ألفاظا أخف من ألفاظي. حتى يروى ما تقول ويذهب شعري؟ لا أرضى عنك أبدا. فما زال يضرع إليه والقوم يشفعون حتى رضي عنه.
وسلم الخاسر هو سلم بن عمرو شاعر بصري قدم بغداد ومدح المهدي والهادي وهارون والبرامكة. وسمي بالخاسر لأنه ورث عن أبيه مصحفا فباعه واشترى طنبورا "الأغاني ٢١/ ٧٣".
٣ من مدحته لأحمد بن عبد الكريم الطائي "الديوان ٢/ ١٠٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>