وأخرجه: ابن ماجه رقم "١١٣٨"، والترمذي "٢/ ٣٦١"، وقال: حسن غريب، لكن أصل الحديث ثابت صحيح: "إن في الجمعة ساعة لَا يَسْأَلُ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلا أعطي سؤاله"، ولكن الخلاف في تحديدها. فأخرج البخاري "فتح" "٢/ ٤١٥"، ومسلم "ص٥٨٤"، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة فقال: "فيه سَاعَةٌ, لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى فيها شيئا, إلا أعطاه إياه"، وأشار بيده يقللها، وأخرج مسلم في تحديث الساعة حديثا من حديث ابن وهب قال: أخبرنا مخرمة، عن أبيه، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي موسى الأشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر: أسمعت أباك يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- يقول: "هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة" "ص٥٨٤". وقد تكلم الحافظ ابن حجر على هذا الحديث فقال: إنه أعل بالانقطاع والاضطراب، أما الانقطاع: فإن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن سلمة عن مخرمة، وزاد: إنما هي كتب كانت عندنا. وقال علي بن المديني: لم أسمع أحد من أهل المدينة يقول عن مخرمة: إنه قال في شيء من حديثه: "سمعت أبي". ولا يقال: مسلم يكتفي في العنعنة بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا؛ لأنا نقول: وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كافٍ في دعوى الانقطاع. أما الاضطراب: فقد رواه أبو إسحاق وواصل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفي، فهم أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد، وأيضا فلو كان عند أبي بردة مرفوعا لم يفت فيه برأيه، بخلاف المرفوع؛ ولهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب. ا. هـ. "فتح" "٢/ ٤٢١". وقال الحافظ في "الفتح" "١١/ ١٩٩" بعد أن ذكر الحديث: وقد ذكرت شرحه هناك -أي: في باب الجمعة- واستوعبت الخلاف الوارد في الساعة المذكورة, فزاد على الأربعين قولا، واتفق لي نظير ذلك في ليلة القدر، وقد ظفرت بحديث يظهر منه وجه المناسبة بينهما في العدد المذكور وهو ما أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة من طريق سعيد بن الحارث، عن أبي سلمة قال: قلت: يا أبا سعيد، إن أبا هريرة حدثنا عن الساعة التي في الجمعة فقال: سألت عنها النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "إني كنت قد أعلمتها, ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر". وفي هذا الحديث إشارة إلى أن كل رواية جاء فيها تعيين الساعة المذكورة وهم، والله أعلم.