للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: سَمِعَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْلِفُ بِأَبِي، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ" قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ، مَا حَلَفْتُ بِهَا ذاكرا ولا آثرا.


٩ صحيح:
والحديث أخرجه: البخاري في الأيمان والنذور, باب "٤" لا تحلفوا بآبائكم, حديث "٦٦٤٧"، ومسلم "ص١٢٦٦"، وأحمد "١/ ١٨"، والترمذي في الأيمان والنذور، باب "٧" كراهية الحلف بغير الله "تحفة" "٥/ ١٣٢", والنسائي في الأيمان والنذور, باب الحلف بالآباء "٧/ ٥"، وأبو داود في الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالآباء "حديث رقم ٣٢٥١"، وابن ماجه كتاب الكفارات، باب النهي أن يحلف بغير الله "حديث رقم ٢٠٩٤".
قوله: "ذاكرا" أي: عامدا.
قوله: "ولا آثرا" أي: حاكيا عن الغير، أي: ما حلفت بها ولا حكيت ذلك عن غيري، ويدل عليه ما وقع في رواية عقيل عن ابن شهاب عند مسلم: "ما حلفت بها منذ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلم- ينهى عنها ولا تكلمت بها"، قاله الحافظ في "الفتح" "١١/ ٥٣٢"، ونقل الترمذي معناه عن أبي عبيد بعد أن قال: "حديث حسن صحيح" قال: قال أبو عبيد: معنى قوله: "ولا آثرا" يقول: لا آثره عن غيري، يقول: لم أذكره عن غيري.
تنبيه: ورد في بعض الأحاديث في "الصحيح" وغيره قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللهُ عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق"، زعم البعض أن لفظ "وأبيه" تصحيف من لفظ: "والله"، ولكن باعتبار أنها صحيحة -وهو الراجح- فيجاب على ذلك بأجوبة ذكرها الحافظ في "الفتح" "١١/ ٥٣٤":
الأول: أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير أن يقصدوا به القسم والنهي، إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف، وإلى هذا جنح البيهقي، وقال النووي: إنه الجواب المرضي.
الثاني: أنه كان يقع في كلامهم على وجهين: أحدهما: للتعظيم، والآخر: للتأكيد. والنهي إنما وقع عن الأول، فمن أمثلة ما وقع في كلامهم للتأكيد, لا للتعظيم قول الشاعر:
"لعمر أبي الواشين إني أحبها"وقول الآخر:
فإن تك ليلى استودعتني أمانة ... فلا وأبي أعدائها لا أذيعها
فلا يظن أن قائل ذلك قصد تعظيم والد أعدائها، كما لم يقصد الآخر تعظيم والد من وشى به، فدل ذلك على أن القصد بذلك تأكيد الكلام, لا التعظيم.
الثالث: أن هذا كان جائزا ثم نسخ، قاله الماوردي وحكاه البيهقي، وقال السبكي: أكثر =

<<  <  ج: ص:  >  >>