أما المجاز: فهو إن كان بمعنى الجواز والتعدية من: جاز المكان يجوزه إذا تعدَّاه وقطعه؛ فالكلمة تكون مصدرًا ميميًّا على وزن مَفْعَل، وقد سميت به الكلمة التي جازت مكانها الأصلي، وتعدته لغيره، أو التي جاز بها المتكلم معناها الأصلي إلى غيره.
أما إن كان بمعنى مكان الجواز والتعدية من قولهم:"جعلت هذا مجازًا إلى حاجتي" أي: طريقًا إليها، فهو من جاز المكان أي: سار فيه وسلكه إلى كذا، لا من جازه إذا تعداه، فيكون لفظ المجاز اسم مكان، وقد أطلق على الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له باعتبار أنها طريق إلى تصور المعنى المراد منها.
والمجاز اللغوي في اصطلاح البلاغيين: هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب على وجه يصح مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، فخرج بالكلمة المستعملة الكلمة قبل الاستعمال، فإنها لا تسمى حقيقة ولا تسمى مجازًا على نحو ما مر بنا في تعريف الحقيقة، وخرج بغير ما وضعت له الحقيقة؛ فإنها مستعملة فيما وضعت له.
وقولنا "في اصطلاح التخاطب": إشارة إلى أن المعتبر في تحديد المجاز أو الحقيقة هو الاصطلاح الذي يقع به التخاطب؛ فالشرعي مثلًا إذا استعمل لفظ الصلاة في الدعاء كانت مجازًا، وإذا استعملها في الأركان الخاصة كانت حقيقة في عرفه، والبلاغي إذا استعمل الكناية في الستر والخفاء؛ كانت مجازًا، ولفظ الدابة إذا استعمل عند أرباب العرف العام في الدلالة على الإنسان كان مجازًا، وإن كانت مستعملة فيما وضعت له في اصطلاح أهل اللغة.