ثم جاء جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة ٩١١ فابتكر في البديع عدة ألوان أوردها في كتابه (عقود الجمان)، وألف الشيخ عبد الرحمن الحميدي، المتوفى سنة ١٠٠٥ هـ بديعية أسماها (تمليح البديع بمدح الشفيع) وله عليها شرح ومختصر، وقال: لقد زدت والحمد لله في بديعيتي أنواعًا لم يسبقن الحلي فيها ومتابعوه، ولا السيوطي ومتابعوه.
وكانت كثرة البديعيات كثرة فائقة سببًا للأسف في إسفافها وانحطاطها، وتجريد ألوان البديع من الروعة والرواة، سواء من الناحية الأدبية أو العلمية، أما الأدبية فقد هبطت بالشعر وجعلته في أحط درجاته، وأذهبت بمائه وصفائه، وأما من الناحية العملية فإنها ذهبت بالبديع مذاهب التشعيب والتخليط، فعاد عليها بالضعة والهوان عند ذوى الصفاء من البلغاء والمتأدبين.
ومن أبرز أصحاب البديعيات في العصر الحديث محمود الساعاتي، المتوفى سنة ١٢٩٨ وعبد الهادي الأبياري، المتوفى سنة ١٣٠٥. الشيخ عبد القاهر الطرابلسي، المتوفى سنة ١٣٠٩ الشيخ طاهر الجزائري، المتوفى سنة ١٣٤١، وغيرهم كثير ممن كتبوا في ألوان البديع وبالغوا في جمعها واستقصائها.
استعراض لأهم جهود المعنيين بعلم البديع
ويدعونا ما سبق لاستعراض أهم الجهود التي بذلت على يد المعنيين بعلم البديع الذين ألمحنا إلى بعضهم فيما مر بنا. ويأتي على رأس هؤلاء عبد الله بن المعتز في كتابه (البديع).
يقول ابن المعتز في ثنايا الكتاب: إنه صنفه في سنة أربع وسبعين ومائتين. قد مضى منذ السطور الأولى يعلن أنه صنفه، ليدل دلالةً قاطعةً على أن ما يكثر منه المحدثون مما يسمى بديعًا موجودٌ من قديم في القرآن والحديث وكلام الجاهليين