للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الرابع عشر

(منزلة البديع، ومدخله في الإعجاز القرآني - الطباق (١))

[منزلة البديع بين الدراسات البلاغية، ومدى تبعيته للمعاني والبيان]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:

فنعيش مع أقسام البديع ومنزلته بين علوم البلاغة.

أولًا: منزلة البديع بين الدراسات البلاغية:

علم البديع -كما هو معروف- واحدٌ من علوم البلاغة الثلاثة "المعاني والبيان والبديع"، وتحتل هذه العلوم مكانة سامية ومرتبة رفيعة بين العلوم الإسلامية والعربية على السواء، فموضع هذه العلوم من علوم العربية أو العلوم الإسلامية موضع الرأس من الإنسان، أو اليتيمة من قلائد العقيان فهو مستودع سرها ومظهر جمالها وجلالها، فلا فضيلة لكلام على كلام إلا بما يحويه من لطائفها ويُودع فيه من مزاياها وخصائصها، ولا تبريز لمتكلم على آخر إلا بما يحوق من وشيها، ويلفظه من دررها، وينفثه من سحرها، ويجنيه من يانع ثمرها، فعلوم البلاغة تعد وسيلة لمعرفة إعجاز القرآن الكريم، فإذا أغفل الإنسان علم البلاغة وأخل بمعرفة قواعدها، لم يستطع أن يدرك سر إعجاز القرآن الكريم، ولم يعرف من أي جهة أعجز الله العرب عن أن يأتوا بسورة واحدة من مثله، وكما أن علوم البلاغة تعد وسيلةً لمعرفة الإعجاز القرآني فإنه لا غنى عنها لمن أراد أن يفهم كتاب الله ويعرف أحكامه، ويتبين حلاله وحرامه غير ذلك من علوم القرآن ومعارف الذكر الحكيم.

يقول العلامة صفي الدين الحلي: إن أحق العلوم بالتقديم وأجدرها بالاقتباس والتعليم بعد معرفة الله العظيم معرفة حقائق كلامه الكريم، وفهم ما أنزل في الذكر الحكيم؛ لتؤمن غائلة الشك والتوهم: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} (الملك: ٢٢) ولا سبيلَ إلى ذلك إلا بمعرفة علم

<<  <   >  >>