بعض علاقات المجاز المرسل التي غف َ ل عنها كثير من البلاغيين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:
فنقول أن هناك علاقات أخرى غفل عنها كثير من البلاغيين، ومن المهم -في هذا اللقاء- أن تناولها بشيء من الاختصار، هذه العلاقات تندرج تحت المجاز المرسل:
وأهم هذه العلاقات التي غفل عنها البلاغيون أو كثير منهم اللزومية، وهي أن يُطلق اسم اللازم ويراد الملزوم كقولنا: نظرت إلى الحرارة، والمراد نظرت إلى النار أو إلى مولد الحرارة، فالحرارة يلزم لها وجود نار أو مولد لها، والنظر يكون إلى النار لا إلى هذا المولد، ففي لفظ الحرارة مجاز مرسل علاقته اللزومية، حيث أطلق اللازم وأريد الملزوم، وقد يطلق الملزوم ويراد اللازم، كقولنا: دخلت الشمس من النافذة، والمراد دخول الضوء والضوء لازم للشمس.
ومن ذلك قول الله تعالى:{مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}(طه: ٩٢، ٩٣) وقوله -عز وجل-: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}(الأعراف: ١٢) وهما من المتشابهات، إذ يقتضي الظاهر أن يقال في غير القرآن: ما منعك أن تتبعني؟ ما منعك أن تسجد إذ أمرتك؟ لكن المتأمل يجد أن المعنى الحقيقي للفظ منع هو الصرف عن فعل الشيء، وعليه فالمعنى المراد في الآيتين هو الدعوةُ إلى تركه، فيكون معنى:{مَا مَنَعَكَ}: أي: ما دعاك إلى ترك ما أمرتك به من الاتباع والسجود، فهو من استعمال اسم الملزوم وهو المنع والصرف عن الفعل وإرادة لازمه، وهو الدعوة إلى تركه، وهذا معنى سليم لا يحوج إلى القول بزيادة لا في الآيتين، وهو رأي الإمام السكاكي.
وفي الآيتين وجوه أخرى من المهم أن نقف عليها لتفسير الآيتين،