الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:
المقابلة في لغة العرب: مِن قابل الشيء بالشيء مقابلةً وقِبالًا أي: عارضه، فمقابلة الكتاب بالكتاب وقباله به: معارضته، والمقابلة: المواجهة، والتقابل مثلُه، يقال: تقابل القوم يعني: استقبل بعضهم بعضًا، ومنه قول الله تعالى في وصف أهل الجنة:{إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}(الحجر: ٤٧)، جاء في التفسير: أنه لا ينظر بعضهم في أقفاء بعض، فالمقابلة على هذا معناها في اللغة: المعارضة والمواجهة.
أما في اصطلاح البلاغيين: فمعناها أن يؤتَى بمعنيين متوافقين أو معانٍ متوافقة، ثم يؤتى بما يقابلها على الترتيب، كذا في (الإيضاح) للخطيب القزويني، فترى هذا المعنى في قوله الله تعالى:{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}(التوبة: ٨٢). وقول أبي دلامة:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعَا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
فقد جاءت الآية الكريمة:{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} بمعنيين متوافقين، وإن كانا غير متناسبين، ألا وهما الضحك والقلة، ثم جاءت بما يقابل هذين المعنيين وهما البكاء والكثرة على الترتيب؛ حيث جاء الضحك أولًا في الطرف الأول من المقابلة، فجاء مقابله وهو البكاء أولًا في الطرف الثاني، وكذا القلة والكثرة جاء كل منهما ثانيًا في كِلا الطرفين.
وفي البيت:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعَا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
جاء الشاعر بمعان متوافقة متناسبة، هي الحسن والدين والدنيا، ثم جاء بمقابل هذه المعاني وهي القبح والكفر والإفلاس على الترتيب كذلك، حيث إن القبح