للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الحادي عشر

(الكناية)

تعريف الكناية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:

بعد الفراغ عن الحديث عن ضربي البيان وقسميه الأولين: التشبيه، والمجاز. باعتبارهما طريقين من طرق الأداء، بقي لنا أن نختم هذه الطرق بالقسم الثالث منها، وهو: الكناية، والتعريض.

ولنبدأ أولًا فنقول: إن الكناية -كما يقول دكتور البهنسي في كتابه (في البيان العربي) -: لها من الخطر ما يسامي الاستعارة، بل ربما كانت أبعد أثرًا منها؛ لأنها لا تقوم على المباشرة في المعنى وإنما تلف المعنى بشيء من الخفاء، وهذا هو سر تسميتها بهذا المصطلح.

والكناية في عُرف أهل اللغة: اسم لما يتكلم به الإنسان ويريد غيره، وسميت كناية لما في بنيتها من معنى الستر، يقال: كنيت الشيء إذا سترته، ويقال: كنى يكني، إذا ستر مراده ولم يفصح عنه.

أما في عرف أهل البيان: فهي لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع قرينة غير مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.

وفي هذا التعريف صبغة التحديد العلمي المعتمد على الفكر البحت، ولكن الإمام عبد القاهر -رحمه الله- يسوق لها تعريفًا عليه طلاوة التعبير الأدبي فيقول: هي أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولكن يجيء إلى معنى تاليه وردفه في الوجود، فيومئ به إليه ويجعله دليلًا عليه.

فقوله: "هو تاليه وردفه في الوجود"، هو ما عبر عنه متأخرون باللازم؛ لأن اللازم يتبع الملزوم فهو إذن تالٍ وردف له.

<<  <   >  >>