للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس العشرون

(السجع)

تعريف السجع لغةً واصطلاحًا، والسجع عبر العصور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:

السجع في اللغة: الكلام المقفَّى، أو موالاة الكلام على روي واحد، وجمعه: أسجاع وأساجيع، وهو مأخوذ من سَجع الحمام، وسجع الحمام هو هديله وترجيعه لصوته. وفي اصطلاح البلاغة: تواطؤ الفاصلتين أو الفواصل على حرف واحد، أو على حرفين متقاربين، أو حروف متقاربة. ويقع في الشعر كما يقع في النثر. فمما تواطأت فيه الفواصل على حرف واحد قول الله تعالى: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} (الطور: ١ - ٤) إلى آخره. وكذا قوله -جل وعلا: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} (العاديات: ١ - ٣). ومن التواطؤ على حروف متقاربة: قول الله تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} (ص: ٤ - ٧) فالباء والدال والقاف حروف متقاربة. كذا قوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} (ق: ١، ٢). فالدال والباء حرفان متقاربان. ومن وقوعه في الشعر قول أبي تمام:

تجلَّى به رشدي وأثرتْ به يدي ... وفاضَ به ثَمْدي وأورَى به زِندي

وقول المتنبي:

فنحن في جذل والروم في وجل ... والبر في شغل والبحر في خجل

جذل: هو الفرح، والوجل: هو الخوف، والمعنى: نحن فرحون بالنصر والروم في خوف من غاراته، والبَر مشتغل بجيش الممدوح، والبحر في خجل من غزارة

<<  <   >  >>