كرمه. هذا ويرى بعض البلاغيين كالسكاكي والخطيب: أن السجع لا يكون إلا في النثر، وأنه لا يكون إلا بتواطؤ الفاصلتين أو الفواصل على حرف واحد، فليس منه التواطؤ على حروف متقاربة. يقول الخطيب:"السجع تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد، وهذا معنى قول السكاكي: الأسجاع في النثر كالقوافي في الشعر". ولشراح (التلخيص) كلام حول عبارة السكاكي هذه، وفحوى كلامهم: أن التشبيه لا يصح إلا بحمل كلام السكاكي على أنه أراد بالسجع الفاصلةَ الثانيةَ التي واطأت الأولى، ولا يمكن حمل كلامه على أن المراد بالسجع تواطؤ الفاصلتين؛ لأنه لو كان هذا مراده لَمَا صح التشبيه؛ لأن القافية إما كلمة كما يرى الأخفش، وإما الحرف الثاني في البيت إلى أول متحرك بعد ساكن بينهما، وعلى هذا فإن الثانية قد تتحقق بجزء كلمة، وقد تتحقق بكلمة وجزء أخرى. ومهما يكن من أمر، فالأَولى هو ما ذكرناه؛ لأن السجع قد ورد في الشعر كما ورد في النثر؛ ولأن معظم البلاغيين جعلوا منه التواطؤَ على حروف متقاربة.
هنا تتردد كلمات: الفقرة، والقرينة، والفاصلة، تتردد هذه الكلمات كثيرًا في باب السجع، فينبغي أن نعرف المراد بكل منها، فذلك أن الفاصلة: هي الكلمة الأخيرة من الفقرة أو القرينة، والفقرة أو القرينة بمعنًى واحد وهي الجملة التي تنتهي بالفاصلة، فمثلًا: قول الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}(القمر: ١، ٢) الفاصلة كلمة: {الْقَمَرُ} في الآية الأولى، و {مُسْتَمِرٌّ} في الآية الثانية، والفقرة أو القرينة هي الآية كلها، كل آية فقرة أو قرينة.
ونحن لو تتبعنا مراحل هذا المصطلح -مصطلح السجع- لرأينا أن السجع مصطلح بلاغي عُرف منذ العصر الجاهلي قبل أن توضع مصطلحات العلوم،