لذا فقد كان جمهور البلاغيين محقًّا عندما رأى طباق السلب كما يكون بين الفعلين يكون بين الاسمين؛ حيث يثبت الاسم مرة ويُنفى مرة أخرى، وقد يكون بين فعل واسم من مادة واحدة، إحداهما مثبتة والأخرى منفية، كما رأينا في الشواهد التي مرت بنا.
أقسام الطباق باعتبار التضاد والاتفاق في المعاني
والسؤال بعد أن عرفنا أن الطباق هو اجتماع اللفظين المتضادين هو هل يُعد اجتماع المعنيين المتضادين من قبيل الطباق أيضًا؟
السؤال بطريقة أخرى: ما هي أقسام الطباق باعتبار التضاد والاتفاق في المعاني؟ وهل تُعد من قبيل طباق السلب؟
ذهب إلى هذا ابن أبي الإصبع، فقال: ومن شواهد السلب والإيجاب أيضًا قول تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}(التحريم: ٦)؛ لأنه -عز وجل- سلب عن هؤلاء الموصوفين العصيان وأوجب لهم الطاعة، ومن المعروف هنا أن الذي يقابل المعصية هو الطاعة، وهي مستفادة من فعل المأمور به، أي: أن التضاد هنا بين المعاني وحدها دون الألفاظ، غير أن الناظر في الآية يتبين له عدم وجود تضادٍ بين المعنيين؛ لأن المعصية هنا منفية، وفعل المأمور به مثبت، والمؤدَّى واحد من التركيبين فلا تضاد إذن، ولكن الإمام فخر الدين بن الخطيب يقول في هذه الآية:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ} في الحال، {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون} في المستقبل، ومعنى هذا: أن التضاد لا يتم بين معاني التراكيب الموجودة، وإنما يتم بين أشياء خارجة عنها لا تُفهم من التراكيب ولا تدل عليها هذه العبارات والطباق لا يتم إلا بين الألفاظ والمعاني جميعًا، أو بين المعاني وحدها دون الألفاظ، أما ما يتم بين معانٍ لا