للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الشطر الثاني: "إنما يعذر العشاق من عشق"، فإذا ما وجه هذا البيت إلى من عرف باللوم أو قيل في مجلس يحضره من عرف أهل الهوى بلومه، كان الكلام تعريضًا به.

وكما يجتمع التعريض والكناية في التعبير الواحد قد يجتمع والمجاز، كقولك مثلًا: أنا لا أطعن في أعراض الناس ولست ممن يطعن في الأعراض، فقد استعير الطعن للإيذاء واشتق منه طعن بمعنى آذى على سبيل الاستعارة التبعية في الفعل، فإذا ما قيل هذا القول أمام أناس قد عرفوا واشتهروا بالإيذاء، أو أشار السياق إلى كون من تكلمت عنه مؤذيًا، كان الكلام تعريضًا به. وبهذا يتضح أن التعريض كما يفهم من عرض التراكيب الحقيقية التي لا مجاز بها ولا كناية، فقد يجتمع وأسلوب الكناية أو المجاز، وهذا يوضح ما قررناه من أن التعريض يفهم من التراكيب، ولا يمكن أن يدل عليه اللفظ المفرد، فهو معنى يفهم من جوانب الكلام وسياقاته الخاصة، ومواقفه ومقاماته المعينة.

بلاغة وأثر وقيمة الكناية والتعريض

من خلال ما سبق ومن حديثنا عن الكناية والتعريض نستطيع أن نجمل بلاغتهما وأثرهما وقيمتهما فيما يلي:

أولًا: إفادة المبالغة في المعنى؛ لأن التعبير عن المعنى الكنائي بروادفه وتوابعه، له من القوة والتأكيد ما ليس في التعبير عنه باللفظ الموضوع له، وذلك لأنه يصبح كإبراز الدعوى بدليلها وكإثبات الحجة ببينتها.

ولعلك تجد ذلك في قول امرئ القيس:

<<  <   >  >>