يؤذي المسلمين، وهو المعنى المكنى عنه، وإذا كان الحديث في مقام يوجد فيه مَن يُعرف بإيذاء المسلمين فقد فهم من عرض الكلام وجانبه التعريضُ بذلك المؤذي.
ومن ذلك قوله -عز وجل-: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}(البقرة: ٢، ٣) فإذا فسر الغيب في الآية بالغيبة عن حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكون المعنى المصرح به ثبوت الهداية للمتقين الذين آمنوا بالله ورسله وقت حضورهم ووقت غيبتهم عنه، وهذا يستلزم إخلاصهم في العقيدة والعبادة وهو المعنى المكنى به، وفي الآية مع ذلك تعريض بهؤلاء المنافقين الذين أظهروا الإسلام وقتَ حضورِهم، فإذا ما غابوا وخلوا إلى شياطينهم:{قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}(البقرة: ١٤).
من ذلك أيضًا قول المتنبي في التعريض بنفي الصدق عن فتاته:
تشتكي ما اشتكيت من ألم ... الشوق إليها والشوق حيث النحول
فقوله:"والشوق حيث النحول"، يفيد حصر الشوق في الجسم النحيل، وهذا يستلزم نفي الشوق عن الجسم السمين الممتلئ؛ لأن سِمن الجسم في عرف أهل الهوى والعشق يستلزم الخلو من الشوق، فالمعنى المكنى عنه هو نفي نسبة الشوق إلى صاحب الجسم السمين، وفي هذا تعريض بنفي الشوق عن فتاته حيث تدعيه، وقد سمن جسمها وامتلأ لحمها، فهي كاذبة في ادعائها.
ومثله قول الآخر:
يلوم في الحب من لا يدري طعم هوى ... وإنما يعذر العشاق من عشق
فهو يفيد أن اللوم يقع على العشاق من الذين لم يعرفوا الهوى، ولم يذوقوا طعم الحب، ولم يكتووا بنار العشق، وهذا يستلزم نفي اللوم عن أهل الهوى، فالمعنى المكنى عنه هو نفي نسبة اللوم إلى العشاق وأصحاب الغرام، كما يؤكد