للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بيت أبي ذؤيب: شبهت المنية بالسبع، ثم تنوسي التشبيه، وادُّعي أن المنية فرد من أفراد السبع، وأن السبع صار نوعين متعارف عليه، وهو الحيوان المفترس، وغير متعارف عليه، وهو الموت الذي ادُّعيت له السبعية، ثم استعير اسم المشبه -وهو الموت- الذي ادعيت له السبعية؛ فصح بهذا أنه قد أطلق اسم المشبه -وهو المنية- وأريد به المشبه به وهو السبع. فهي من قبيل المجاز اللغوي، كما عند الجمهور.

ويرى أن الاستعارة التخييلية ما كان معناها صورة وهمية، لا تحقق لها حسًّا ولا عقلًا كالأظفار في البيت، فإنه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال، أخذ الوهم في تصويرها بصورته؛ فاخترع لها صورة الأظفار، ثم أطلق عليها لفظ أظفار السبع، فالمشبه الصورة الخيالية للأظفار، والمشبه به عند السكاكي الصورة الحقيقية لها، والمستعار اللفظ الموضوع للصورة الحقيقية، والقرينة إضافتها إلى المكنية، ولا تلازم عنده بين المكنية والتخييلية، وقد توجدان معًا كما في البيت، وقد توجد التخييلية من غير المكنية كقولهم: أظفار المنية التي كالسبع نشبت بفلان؛ ففي أظفار استعارة تخييلية وُجدت مع تشبيه صريح.

ونلاحظ أن هذه الاختلافات في تحديد مفهوم الاستعارتين ترجع إلى توجيه كل منهما، وكلها -كما رأينا- توجيهات محتملة قائمة على التصور والتخيل، ونذكر الآن أمثلة متنوعة من شواهد الاستعارتين المكنية والتخييلية التي هي قرينة المكنية يقول لبيد:

وغداة ريح قد كشفت وكرة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها

فهنا غداة مجرورة على تقدير رب غداة، وكلمة كرة -كما سبق أن ذكرنا- تعني: البرد والشمال: هي الريح الباردة، فقد جعل للشمال يدًا، وللكرة زمامًا، بأن

<<  <   >  >>