للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظلم تعريفهم لبلاغة الكلام، فبلاغة الكلام عندهم معناها: مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته وفصاحة أجزائه، فمرجعها أمران:

الأول: الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد.

والثاني: تمييز الكلام الفصيح من غيره، والثاني -وهو التمييز- منه ما يتبين في علم متن اللغة أو التصريف أو النحو، أو يدرك بالحس، وهو ما عدا التعقيد المعنوي، وما يحترز به عن الأول وهو الخطأ هو علم المعاني وما يحترز به عن الثاني -هو والتعقيد المعنوي- هو علم البيان، فظهر أن علم البلاغة منحصر في علمي المعاني والبيان.

أصبح عندنا أمران يجب الاحتراز للحكم على فصاحة الكلام؛ أولهما الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد، والثاني تمييز الكلام الفصيح من غيره، فيُحترز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد بتعلم علم المعاني، ويُعرف تمييز الكلام الفصيح من غيره بتلافي الغرابة عن طريق تعلم متن اللغة، وتلافي مخالفة القياس "تعلم الصرف" وتلافي ضعف التأليف والتعقيد اللفظي "تعلم النحو" وتلافي تنافر الحروف والكلمات "وذلك بتربية الذوق السليم" وما يزيل التعقيد المعنوي إنما هو تعلم البيان، فأصبح علم البديع بهذا لا موضعَ له في ذهن البلاغيين.

وعلى هذا جاء تعريفهم لهذا العلم مبعدًا له عن البلاغة، وجاعلًا إياه ذنبًا، وتابعًا لعلميه، فهو في نظرهم وشم وزينة، وحسن عرضي لا ذاتي، وقد عرفه الخطيب القذويني بقوله: وعلم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة.

وعلق السعد التفتازاني على تعريف الخطيب بقوله: وقوله: "بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة" تنبيه على أن هذه الوجوه إنما تُعد محسّنة للكلام بعد رعاية الأمرين، ومعنى هذا: أن الكلام الذي خلَا من هذه الألوان وروعي فيه الأمران

<<  <   >  >>