يتصل بتحسين الألفاظ. ولذا فإن جمهور البلاغيين يقسّمون هذه المحسنات إلى قسمين:
أحدهما: محسنات معنوية، وهي التي يكون التحسين فيها راجعًا إلى المعنى أولًا وبالذات، كالطباق والمقابلة وحسن التعليل وغيرها، وإن كان بعضها قد يفيد تحسين اللفظ أيضًا، لكن تحسينه للفظ لا يكون أصلًا في التحسين بل يأتي ثانيًا وبالعرض، وذلك كالمشاكلة التي هي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته كما مر في قول الأنطاكي:
قالوا اقترح شيئًا نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا
قد عبر عن عن الخياطة بالطبخ وقوعها في صحبته، فاللفظ حسنٌ لما فيه من إيهام المجانسة اللفظية؛ لأن المعنى مختلف واللفظ متفق، لكن الغرض الأصلي جعل الخياطة كطبخ المطبوخ في اقتراحها لوقوعها في صحبته، وكما في العكس في قولهم: عادات السادات سادات العادات، فإن في اللفظ شبه الجناس اللفظي لاختلاف المعنى، ففيه التحسين اللفظي والغرض الأصلي والإخبار بعكس الإضافة مع وجود الصحة، وضابط هذا النوع من المحسنات أنك لو غيّرت بعضَ الألفاظ الدالة عليه والمؤدية له بما يرادفه، لا يتخلف التحسين، فلو قلت في قول الشاعر:
وقد أطفئوا شمس النهار وأوقدوا ... نجوم العوالي في سماء عجاج
حيث طابق بين أطفئوا وأوقدوا، ولو قلت: وأضاءوا أو أشعلوا، فإن التطابق لا يزال باقيًا والمحسن ما زال موجودًا.
ثانيهما: محسنات لفظية وهي التي يكون التحسين فيها راجعا إلى اللفظ وبالذات، وإن حسنت المعنى تبعًا وثانيًا كالجناس في قوله تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}(الروم: ٥٥) فالساعة الأولى يوم