للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإبصار، كثير من الآيات جاءت تتحدث عن مثل هذا من ذلك قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} (فصلت: ١٧)، {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} (الأنعام: ٥٠)، {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} (هود: ٢٤)، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} (الرعد: ١٦)، {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} (الرعد: ١٩)، وقوله كذلك: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} (فاطر: ١٩)، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} (النمل: ٨١)، فكل هذه التشبيهات إنما هي أمور عقلية، وقُصد منها المبالغة، ولم يقصد بها العمل حقيقي؛ فإنما هو أشبه ما يكون بالعمى الذي هو عمى البصيرة.

النوع الثالث من التشبيه: هو تشبيه المعقول بالمحسوس: كتشبيه أخلاق الكرام مثلًا بالأرض الواسعة الممتدة، وبالعطر، الرائحة الطيبة، وتشبيه المنية مثلًا بالسبع؛ فالمشبه وهو أخلاق الكرام، أو المنية من المعقولات، والمشبه به وهو الأرض الواسعة والعطر والسبع كل هذه من الأمور المحسوسة، من ذلك أيضًا تشبيه الرأي بالليل كما جاء في قول الشاعر:

الرأي كالليل مسودٌّ جوانبه ... والليل لا ينجلي إلا بإصباح

وتشبيه الغيظ بالنار، كما جاء في قول المتنبي:

وغيظ على الأيام كالنار في الحشا ... ولكنه غيظ الأسير في القيد

وتشبيه الصبر على مضض الحسود بالنار إلى غير ذلك، فتشبيه المعقول بالمحسوس ورد كثيرًا في كلام البشر، كما جاء كثيرًا في أساليب القرآن، ومن ذلك تصوير أعمال الكفار برماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وبسراب بقيعة يحسبه الظمآن

<<  <   >  >>