هنا يشبه سيلان الدموع من العينين بسيلان الماء من غربي الجدول غربا يعني: الدلوان، وأداة التشبيه محذوفة، وقد وقع المشبه به خبرًا للمشبه، ثم شبه سرعة جريان الدموع في العينين بسرعة مر الماء في الخليج المنحدر تشبيهًا مرسلًا؛ لأن الأداة مذكورة، كذلك المشبه المقدر ما جاء في قوله تعالى مثلا:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}(البقرة: ١٨) وكذلك في قول عمران بن حطان يذكر الحجاج:
أسد علي وفي الحروب نعامة ... فطخاء تنفر من صفير الصافر
فالمشبه مبتدأ محذوف تقديره: هم صم، وهو أسد، ونعامة، وقد وقع المشبه به خبرًا له، تؤكد كذلك جملة التشبيه المبنية على حذف الأداة بأن يقع المشبه به حالًا صاحبها هو المشبه، كما في قوله تعالى مثلًا:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}(الأحزاب: ٤٥، ٤٦)، ففي الآية الكريمة يشبه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسراج المنير، والمشبه به حال، وصاحب الحال هو الضمير المنصوب العائد على النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله {أَرْسَلْنَاكَ} كذلك يؤكد التشبيه المحذوف الأداة بأن يقع المشبه به مضافًا إلى المشبه كقول الشاعر مثل:
والريح تعبث بالوصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء
فهنا شبه الماء وهو المضاف إليه باللجين، وقد وقع المشبه به هو اللجين مضافًا إلى المشبه وهو الماء، أما ذهب الأصيل فمقصود به أشعة الشمس قبيل الغروب. إذن فهو مشبه والذهب مشبه به، ويكون هذا من إضافة المشبه به إلى المشبه.
كذلك من هذا الضرب ما جاء في قول الشاعر يصف تقوس الهلال:
كأنما أدهم الإظلام حين نجا ... من أشهب الصبح ألقى نعل حافره