للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الرجل المؤمن بالله الذي صدق رسل عيسى جاء من أقصى المدينة يركض ليدعو قومه أن يتبعوا المرسلين بما جاءوا به من التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له، مستدلًا بخلقه على استحقاق خالقه لأن يفرد بالألوهية والعبادة وأن آلهتهم لا تستحق العبادة، قال تعالى عنه: {وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ١ ٢.

والآيات المنبهة لخلق الإنسان نفسه كثيرة كقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} ٣، وقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُون} ٤، وقوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِق} ٥؛ لأن أقرب شيء إلى الإنسان نفسه, ولو فكر الكافر بأحوال نفسه وعجائبها وتنقله في بطن أمه أطوارًا وخروجه من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا، وأكله وشربه ونموه وحركات مفاصلة لأوقعه ذلك على عظيم خطئه وشركه بعبادته غير الله تعالى.

وقد وردت مسألة خلق الإنسان بدليل آخر يأخذ بالألباب في قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ, أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ} ٦؛ لأن البشر لم يخرجوا عن أحد احتمالات ثلاثة:-

أ- إما أن يكونوا مخلوقين من غير خالق أي وجدوا بطريق الصدفة.

ب- وإما أن يكونوا خلقوا السماوات والأرض وخلقوا أنفسهم.

ج- وإما أن يكونوا مخلوقين لخالق واحد.


١ سورة يس آية ٢٢.
٢ انظر تفسير ابن كثير ٣/٣٢٢ وص ٥٦٨.
٣ سورة فصلت آية ٥٣.
٤ سورة الذاريات آية ٢١.
٥ سورة الطارق آية ٥.
٦ سورة الطور آية ٣٥-٣٦.

<<  <   >  >>