علمية، محددًا معناها تحديدًا يتفق وطبيعة الاصطلاح العلمي. وعندما اكتشف الخليل أوزان الشعر العربي وضع لهذه الأوزان أسماء لم تكن تخطر للشعراء على بال، لقد أخذ اصطلاحات "الطويل" و"الخفيف" و"البسيط" و"الكامل" ... إلخ، من لغة الحياة العامة، واستخدمها بدلالة جديدة. وفي كل فروع المعرفة نجد ظهور اصطلاحات علمية مع ظهور العلم نفسه.
ومن الطريف ما لاحظة الجاحظ بشأن المصطلحات التي استدعت وجودها العلوم المختلفة التي جدت في العصر العباسي، فلاحظ أن المتكلمين "اشتقوا منك كلام العرب تلك الأسماء، وهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم، فصاروا في ذلك سلفًا لكل خلف وقدوة لكل تابع. ولذلك قالوا العرض والجوهر وأيس وليس، وفرقوا بين البطلان والتلاشي وذكروا الهذية والهوية وأشباه ذلك، كما وضع الخليل بن أحمد لأوزان القصيد وقصار الأرجاز ألقابًا ولم تكن العرب تتعارف تلك الأعاريض بتلك الألقاب وتلك الأوزان بتلك الأسماء، كما ذكر الطويل والبسيط والمديد والوافر والكامل وأشباه ذلك، كما ذكر الأوتاد والأسباب والخرم والزحاف ... وكما سمى النحويون فذكروا الحال والظرف وما أشبه ذلك ... وأصحاب الحساب قد اجتلبوا أسماء وجعلوها علامة للتفاهم"١. فالجاحظ لاحظ وضع هذه الأسماء كمصطلحات علمية، وهذه الكلمات إما جديدة في الصياغة مثل الماهية أو ذات معنى اصطلاحي جديد مثل البسيط والكامل.
وهكذا دخلت العربية عصر الثقافة الإسلامية، كانت لغة بعض القبائل البدوية في شمال جزيرة العرب فصارت لغة الدولة الإسلامية من إيران إلى الأندلس ومن الشام إلى اليمن، وكانت لغة الحياة اليومية البسيطة فأصبحت لغة العلوم وأداة حضارة راقية.
عندما كانت العربية لغة بعض القبائل البدوية في شمال ووسط جزيرة