للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين ابن حجر في ترجمة سعيد بن عبيد أنه من الحفاظ، وأنه كان يُلقَّب بالقارئ١.

وذكر هؤلاء الحفاظ السبعة. أو الثمانية، لا يعني الحصر، فإن النصوص الواردة في كتب السير والسُّنن تدل على أن الصحابة كانوا يتنافسون في حفظ القرآن، ويُحَفِّظونه أزواجهم وأولادهم. ويقرءون به في صلواتهم بجوف الليل، حتى يُسمع لهم دوي كدوي النحل، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمر على بيوت الأنصار، ويستمع إلى ندى أصواتهم بالقراءة في بيوتهم، عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك؟ لقد أُعْطِيتَ مزمارًا من مزامير داود" ٢.

وعن عبد الله بن عمرو قال: جمعتُ القرآن، فقرأتُ به كل ليلة، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اقرأه في شهر" ٣.

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف رفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار" ٤.

ومع حرص الصحابة على مدارسة القرآن واستظهاره فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يشجعهم على ذلك، ويختار لهم مَن يعلمهم القرآن، عن عبادة بن الصامت قال: "كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رجل منا يعلمه القرآن، وكان يُسْمَعُ لمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضجة بتلاوة القرآن، حتى أمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا"٥.


١ الإصابة، جـ٢ ص٢٨.
٢ رواه البخاري، وفي رواية لمسلم بزيادة: "فقلت: لو علمتُ والله يا رسول الله أنك تسمع لقراءتي لحبَّرته لك تحبيرًا".
٣ أخرجه النَّسائي بسند صحيح.
٤ رواه البخاري ومسلم.
٥ مناهل العرفان للزرقاني، جـ١ ص٢٣٤.

<<  <   >  >>