اللام من كلمة "رسوله" فأفزع هذا اللحن أبا الأسود وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله، ثم ذهب إلى زياد والي البصرة وقال له: قد أجبتك إلى ما سألت، وكان زياد قد سأله أن يجعل للناس علامات يعرفون بها كتاب الله، فتباطأ في الجواب حتى راعه هذا الحادث، وهنا جد جده، وانتهى به اجتهاده إلى أن جعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وجعل علامة الكسرة نقطة أسفله، وجعل علامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين.
ويذكر السيوطي في "الإتقان" أن أبا الأسود الدؤلي أول من فعل ذلك بأمر عبد الملك بن مروان لا بأمر زياد، حيث ظل الناس يقرءون في مصحف عثمان بضعًا وأربعين سنة. حتى خلافة عبد الملك حين كثرت التصحيفات وانتشرت في العراق ففكر الولاة في النقط والتشكيل.
وهناك روايات أخرى تنسب هذا الفعل إلى آخرين. منهم: الحسن البصري، ويحيى بن يعمر، ونصر بن عاصم الليثي، وأبو الأسود الدؤلي هو الذي اشتهر عنه ذلك، وربما كان للآخرين المذكورين جهود أخرى بُذلت في تحسين الرسم وتيسيره.
وقد تدرج تحسين رسم المصحف، فكان الشكل في الصدر الأول نقطًا، فالفتحة نقطة على أول الحرف، والضمة على آخره، والكسرة تحت أوله.
ثم كان الضبط بالحركات المأخوذة من الحروف، وهو الذي أخرجه الخليل، فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحرف، والكسر كذلك تحته، والضم واو صغرى فوقه، والتنوين زيادة مثلها، وتُكتب الألف المحذوفة والمبدل منها في محلها حمراء، والهمزة المحذوفة تُكتب همزة بلا حرف حمراء أيضًا، وعلى النون والتنوين قبل الباء علامة الإقلاب حمراء، وقبل الحلق سكون، وتعرى عند الإدغام والإخفاء، ويسكن كل مسكن، ويعرى المدغم ويشدد ما بعده إلا الطاء قبل التاء فيكتب عليها السكون نحو "فرطْت"١.