للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه، فقد أتت على الأصل اللغوي المعروف، فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة لذلك.

والمراد بالموافقة الاحتمالية ما يكون من نحو هذا، كقراءة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ١, فإن لفظة "مالك" كُتبت في جميع المصاحف بحذف الألف، فتقرأ "مَلِكِ" وهي توافق الرسم تحقيقًا، وتقرأ "مالك" وهي توافقه احتمالًا وهكذا. في غير ذلك من الأمثلة.

ومثال ما يوافق اختلاف القراءات الرسم تحقيقًا: {تَعْلَمُونَ} بالتاء والياء، و {يَغْفِرْ لَكُمْ} بالياء والنون، ونحو ذلك، مما يدل تجرده عن النقط والشكل في حذفه وإثباته على فضل عظيم للصحابة -رضي الله عنهم- في علم الهجاء خاصة، وفهم ثاقب في تحقيق كل علم.

ولا يشترط في القراءة الصحيحة أن تكون موافقة لجميع المصاحف، ويكفي الموافقة لما ثبت في بعضها، وذلك كقراءة ابن عامر: "وبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ"٢, بإثبات الباء فيهما، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي.

٣- وأن تكون القراءة مع ذلك صحيحة الإسناد: لأن القراءة سُنَّة متبعة يُعتمد فيها على سلامة النقل وصحة الرواية، وكثيرًا ما ينكر أهل العربية قراءة من القراءات لخروجها عن القياس، أو لضعفها في اللغة، ولا يحفل أئمة القرَّاء بإنكارهم شيئًا.

تلك هي ضوابط القراءة الصحيحة، فإن اجتمعت الأركان الثلاثة:

١- موافقة العربية. ٢- ورسم المصحف.

٣- وصحة السند، فهي القراءة الصحيحة، ومتى اختل ركن منها أو أكثر أُطْلِقَ عليها أنها ضعيفة، أو شاذة، أو باطلة.


١ الفاتحة: ٤.
٢ آل عمران: ١٨٤، بدون الباء في الكلمتين.

<<  <   >  >>